فصل: المانع الخامس: استبهام التقدم والتأخر في الموت:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة



.الباب الثاني: في موانع الميراث:

وهي ستة:

.المانع الأول: اختلاف الدين:

فلا يتوارث الكافر والمسلم. ولا يثبت التوارث بني اليهودي والنصراني، ولا بين أهل ملة وأهل ملة أخرى أصلاً، إن تحاكموا إلينا.
والمرتد لا يرث ولا يورث بل ماله فيئ. هذا حكمه إذا قتل أو مات على ردته بعد الاستتابة. فأما لو أسر النصرانية أو اليهودية وأظهر الإسلام، فإنه يقتل ولا يستتاب، ويكون ميراثه لورثته من المسلمين. وكذلك من عبد شمسًا أو قمرًا أو حجرًا أو غير ذلك مستسرًا به مظهرًا للإسلام، فظهر عليهم وهم يقرون بالإسلام وأحكامه، فهم بمنزلة المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عيه وسلم، فكل ما لا يستتاب فإن ورثته من المسلمين يرثونه، وتنفذ وصيته في ماله.
قال ابن القاسم: وبلغني عن مالك عمن أثق به، وكتب يستفتيه فيمن صلبه أمير المؤمنين من الزنادقة؟ فرأى مالك أن يورث منهم ورثتهم من المسلمين.
قال: وأخبرني ابن أبي زنبر أن رجلاً جاء إلى مالك فقال: إن أبي كان يعبد الشمس، يريد سرًا، ويظهر الإسلام، أفترى أن أرثه؟ فقال: نعم، أرى ذلك لك.
واختار رواية ابن القاسم هذه أصبغ والشيخ أبو إسحاق. وروى ابن نافع أن سبيل مال الزنديق سبيل دمه، وماله للمسلمين. ولا يرثه ورثته من المسلمين ولا من الزنادقة. وبهذه الرواية قال ابن الماجشون وأشهب وسحنون.
قال القاضي أبو الوليد: فرواية ابن القاسم تقتضي أن يقتل حدًا، ورواية ابن نافع تقتضي أنه يقتل كفرًا.
فرع:
لو تحاكم إلينا ورثة الكافر، فإن تراضوا بحكمنا قسمنا بينهم على حكم الإسلام، وإن أب بعضهم فإن كانوا بأجمعهم كفارًا لم يعرض لهم، وإن كان منهم من أسلم قسمنا بينهم، في رواية ابن القاسم، على مواريثهم، إن كانوا كتابيين، وعلى قسم الإسلام إن كانوا من غير أهل الكتاب.
وقال ابن نافع وسحنون: أهل الكتاب وغيرهم سواء، يقسم بينهم على حكم الإسلام.

.المانع الثاني: الرق:

فلا يرث الرقيق ولا يورث. ويستوي في ذلك المكاتب والمدبر وأم الولد والقن، ومن بعضه حر كمن كله رق، ولا يرث ولا يورث. وما مات عنه فهو لمن يملك الرقيق منه، لا يستثني من هذا الجنس إلا ما تقدم من حكم المكاتب إذا مات على مال ومعه في الكتابة ولد، على ما بين في كتابه.

.المانع الثالث: القتل:

فلا ميراث للقاتل إن كان القتل عمدًا، لا من المال ولا من الدية إن قبلت منه، فإن كان خطأ ورث من المال دون الدية.

.المانع الرابع: انتفاء النسب باللعان:

فينقطع التوارث بين الملاعن والولد، ويبقى الإرث بينه وبين أمه، فترث منه الثلث أو السدس فرضها في كتاب الله، ويرثه إخوته لأمه، وما فضل من ميراثه فلموالي أمه إن كانت معتقة، فإن لم تكن فلبيت المال. وإن أتت بتوأمين فهما يتوارثان بأنهما لأب وأم، إذ انقطاع أبوتهما بالتعان الزوج منه، لا بينهما.
وولد الزنا كالمنفي باللعان، فلا يرث الزاني ولا يرثه ورثة الأم ويرثها، إلا إذا ولدت توأمين فإنهما يتوارثان بأخوة الأم فقط.
واختلف في توأمي المغتصبة: هل يلحقان بتوأمي الملاعنة أو بتوأمي الزانية؟ على قولين: الأول مروي عن مالك، والثاني اختيار الشيخ أبي إسحاق.

.المانع الخامس: استبهام التقدم والتأخر في الموت:

كما إذا مات قوم من الأقارب في سفر أو تحت هدم أو بغرق، فإنا نقدر في كل واحد كأنه لم يخلف صاحبه، وإنما خلف الأحياء إذا عسر التوريث للاشتباه. وكذلك نفعل إن علمنا أنهم ماتوا على ترتيب، ولكن تعذرت معرفة السابق.

.المانع السادس: ما يمنع من الصرف في الحال:

وهو الإشكال إما في الوجود أو في الذكورة أو فيهما جميعًا.
أما الإشكال في الوجود فصورته: المفقود والأسير الذي انقطع خبره، إن كان له مال حاضرن فال يقسم على ورثته ما لم تقم بينة على موته أو تمضي مدة لا يعيش إلى مثلها غالبًا، وحدها: سبعون، وقيل ثمانون، وتسعون، فيقسم على ورثته الموجودين عند الحكم.
فإن مات له قريب حاضر توفقنا في نصيبه، حتى تعلم حياة المفقود، فيكون المال له أو يمضي تعميره، فيكون مال الميت لورثته دون المفقود وورثته.
وإذا قسمنا على الحاضرين أخذنا في حقهم بأسوأ الأحوال حتى لا نورث بالشك.
وكيفية العمل فيه ما نبينه:
فلو ماتت امرأة وتركت زوجًا وأمًا وأختًا وأبًا مفقودًا، فالفريضة، على أن المفقود ميت، من ستة: للزوج النصف ثلاثة، وللأخت ثلاثة، ويعال للأم بالثلث، فتصير ثمانية.
والفريضة، على أن المفقود حي من ستة، أيضًا: للزوج ثلاثة، وللأم ثلث ما بقي سهم، وللأب سهمان، فالفريضتان تتفقان بالنصف، فيضرب نصف إحداهما في كامل الأخرى، تكون أربعة وعشرين: فنقول للزوج: لك، يقينًا بلا شك، ثلاثة من ثمانية مضروبة في ثلاثة نصف الفريضة الأخرى، وإنما يكون لك ثلاثة من ستة بصحة حياة الأب، ولا يعلم ذلك، ويقال للأخت: لا ميراث لك من أختك إلا بصحة موت أبيك قبل أختك، ولا يعلم ذلك، فليس لك ميراث بالشك، ويقال للأم: لك من ابنتك السدس يقينًا، سهم من ستة مضروب في أربعة نصف فريضة ثمانية، وإنما يكون لك الثلث بالعول بصحة موت زوجك قبل ابنتك، ولا يعلم ذلك، فليس لك بالشك شيء. ويبقى من الفريضة أحد عشر سهمًا موقوفة، ليس يعلم لمن هي يقينًا، فإن صح أن الأب كان حيًا يوم موت ابنته، قيل للزوج: لك يقينًا ثلاثة من ستة مضروبة في أربعة باثني عشر، في يدك تسعة، الباقي لك ثلاثة، فتدفع إليه من الموقوف. ويقال للأم: لك سهم من ستة مضروب في أربعة، ففي يدك جميع حقك. وللأب سهمان من ستة، مضروبة في أربعة بثمانية، فتدفع إليه الثمانية التي بقيت من الموقوف. وإن ثبت أن الأب مات قبل ابنته، أو لم يعلم له موت، فموت بالتعمير فالحكم في ذلك سواء، فيقال للزوج: لك يقينًا ثلاثة من ثمانية، في ثلاث بتسعة، ففي يدك جميع حقك. ويقال للأم: لك اثنان من ثمانية، في ثلاثة بستة، في يدك من ذلك أربعة، فيدفع إليها السهمان من إحدى عشر الموقوفة. ويقال للأخت: لك ثلاثة من ثمانية، في ثلاثة بتسعة، فتدفع لها التسعة الباقية.
وأما إشكال الذكورة، فبأن يخلف ولدًا خنثى، فإنه يعتبر، إذا كان ذا فرجين: فرج الرجل وفرج المرأة، بالمبال منهما، فيعطى الحكم لما بال منه، فإن بال منهما اعتبرت الكثرة من أيهما، فإن تساوى الحال اعتبر السبق، فإن كان ذلك منهما معًا اعتبر نبات اللحية أو كبر الثديين ومشابهتهما لثدي النساء، فإن اجتمع الأمران اعتبر الحال عند البلوغ، فإن وجد الحيض حكم به. وإن وجدت الاحتلام وحده حكم به. وإن اجتمعا فهو مشكل، وكذلك لو لم يكن فرج، لا المختص بالرجال ولا المختص بالنساء، بل كان له مكان يبول منه فقط انتظر به البلوغ، فإن ظهرت علامة مميزة، وإلا فهو مشكل.
ثم حيث حكمنا بالإشكال فميراثه نصف نصيبي ذكر وأنثى. ووجه العمل فيه أن يؤخذ مخرج التذكير ومخرج التأنيث، ثم يضرب أحدهما في الآخر إن تباينا أو يستغنى به عنه إن كان الآخر مثله أو داخلاً فيه، فما تحصل من ذلك ضرب في حالتي الخنثى أو عدد أحوال الخناثي، إن زادوا على الواحد وعدد الأحوال بالتضعيف، كلما زدت خنثى أضعفت جميع الأحوال التي كانت قبله، فللواحد حالان، وللاثنين أربعة أحوال، وللثلاثة ثمانية، وللأربعة ستة عشر، وللخمسة اثنان وثلاثون، وعلى هذا الترتيب كلما زدت واحدًا أضعفت ما كان من الأحوال قبله، فما انتهى إليه الضرب في الأحوال فمنه تكون القسمة، ثم لها طريقان.
الطريق الأول: أن ينظر في المجتمع من الرب: كم يخص الخنثى منه على تقدير الذكورة، وكم يخصها منه على تقدير لأنوثة؟ فيضم أحدهما إلى الآخر ثم يقسمه نصفين فتعطيه نصفه، وكذلك يفعل بسائر الورثة.
والطريق الثاني: أن تضرب نصيبه من فريضة التذكير في جملة فريضة التأنيث ونصيبه من فريضة التأنيث في جملة فريضة التذكير، ثم يجمع له ما يخرج فيهما فهو نصيبه.
مثال ذلك: ولد خنثى وعاصب، وفريضة التذكير من واحد، إذا يجوز الذكر جميع المال، وفريضة التأنيث من اثنين والواحد داخل فيها، فتضرب اثنين في حالتي الخنثى بأربعة، فعلى الطريق الأول تقول: للخنثى على تقدير الذكورة جميع المال، وهو الأربعة بكمالها، وعلى تقدير الأنوثة نصف المال. فذلك مال ونصف يدفع له نصف ذلك وهو نصف وربع المال، وهو ثلاثة من الأربعة، والسهم الباقي للعاصب، لأنه على تقدير ذكورة الخنثى لا يكون له شيء، وعلى تقدير أنوثته يكون له النصف، فملا ثبت له تارة وسقط أخرى أعطي نصفه، وهو الربع.
وأما على الطريق الثاني، فنقول: للخنثى من فريضة التذكير سهم، مضروب له في اثنين فريضة التأنيث، باثنين، وله من فريضة التأنيث سهم مضروب له في فريضة التذكير وذلك سهم بسهم، فيجتمع له ثلاثة أسهم وهي ثلاثة أرباع المال، وللعاصب سهم من فريضة التأنيث، مضروب له في سهم فريضة التذكير، بسهم، وليس له شيء من فريضة التذكير.
مثال آخر: ولدان أحدهما ذكر والآخر خنثى، ففريضة التذكير من اثنين، وفريضة التأنيث من ثلاثة، وهما متباينان، فاثنان في ثلاثة بستة، ثم في حالتي الخنثى باثنتي عشر.
فعلى الطريق الأول نقول: للخنثى على تقدير الذكورة ستة، وعلى تقدير الأنوثة أربعة، فله خمسة، وللذكر على ذكورة الخنثى ستة، وعلى أنوثته ثمانية فله سبعة.
وعلى الطريق الثاني: للخنثى من فريضة التذكير سهم، مضروب له في ثلاثة فريضة التأنيث، بثلاثة، وله من فريضة التأنيث سهم، مضروب له في فريضة التذكير، وهي اثنان، باثنين، فذلك خمسة، وللذكر من فريضة التذكير سهم، في ثلاثة فريضة التأنيث، بثلاثة، وله من فريضة التأنيث سهمان، في اثنين فريضة التذكير، بأربعة، فجميع ذلك كله سبعة، وهي حصته.
مثال آخر: ولدان خنثيان وعاصب، فللخنثيين أربعة أحوال، فالفريضة، على أنهما ذكران من اثنين، وعلى أنهمنا أنثيان من ثلاثة، وكذلك في الحالين الآخرين أعني أن يكون ذكرًا وأنثى من الجانبين، فيستغنى بثلاثة عن ثلاثة، فيضربها في اثنين، بستة. ثم في الأحوال الأربعة، بأربعة وعشرين.
فعلى الطريق الأول نقل: لكل واحد من الخنثيين، على تقدير انفراده بالذكورة، ستة عشر، وعلى تقدير مشاركته فيها، اثنا عشر، وعلى تقدير انفراده بالأنوثة، ثمانية، وكذلك على تقدير مشاركته فيها، وجملة ذلك أربعة وأربعون في الحالات الأربع، وإنما يرث بحالة واحدة، فيكون له ربع الجميع، وهو أحد عشر سهمًا، ويبقى للعاصب سهمان، لأن الحاص له، في حالة من جملة الأحوال الأربعة، الثلث، فله ربعه وهو سهمان من أربعة وعشرين.
وعلى الطريق الثاني نقول: لكل واحد منهما من فريضة تذكيرهما سهم، مضروب له في فريضة التأنيث وهي ثلاثة، بثلاثة، وله من فريضة تأنيثهما سهم، مضروب له في اثنين فريضة تذكيرهما، باثنين، وله من فريضة تذكيره خاصة سهمان، في اثنين فريضة تذكيرهما، بأربعة، وله من فريضة تأنيثه خاصة سهم، وفي اثنين أيضًا، باثنين، وجملة ذلك أحد عشر، فهي تصيب كل واحد منهما، وللعاصب سهمان إذ ليس له شيء في الفرائض الثلاث المشتملة على المذكورة، وإنما له في فريضة تأنيثهما خاصة سهم واحد، مضروب له في اثنين فريضة التذكير، باثنين، وعلى هذا النحو يعمل فيما زاد على الاثنين.
ولنقتصر على هذا القدر المنبه على كيفية العمل، فإن القصد الاختصار لا سيما مع قلة وقوع هذا الفرع.
وأما إشكال الذكورة والوجود جميعًا، فبأن يخلف الميت زوجة حاملاً ويرغب الورثة في التعجيل، فذكر الشيخ أبو إسحاق أنه لا تنفذ وصاياه ولا تأخذ زوجته أدنى سهميها حتى تضع. ثم حكى عن أشهب: أنها تتعجل أدنى السهمين. قال: وهو الذي لا شك فيه. ثم قال: قد قال قائل: يوقف من ميراثه ميراث أربعة ذكور. قال: وحجته في ذلك: أن أكثر ما تلد المرأة أربعة. قال: وقد ولدت أم ولد أبي إسماعيل أربعة ذكورًا محمداً وعمر وعليًا وإسماعيل. بلغ محمد وعمر وعلي الثمانين.
وإذا فرعنا على ما حكاه عن أشهب وارتضاه، وبيننا على أن أكثر الحمل أربعة تعين حكى عن القائل، فإنما نأخذ بأرضى الاحتمالات في حق سائر الورثة. وأقصى المحتمل حيث العدد والنصيب أن يقدر أربعة بنين.

.الباب الثالث: في أصول الحساب وبيان المخارج:

اعلم أن المسألة الواقعة إن تجرد فيها العصبات، فالعدد الذي تصح المسألة منه يؤخذ من عددهم. فإن تمحضوا ذكورًا: فالمسألة تقام من عدد رؤوسهم. وإن كانوا ذكورًا وإناثًا، فمن عدد الإناث وضعف عدد الذكور، لأن الذكر في التعصيب باثنين.
فإن اشتملت المسألة على ذي فرض مقدر، فالأصول التي تنشأ منها مسائل الفروض، على قول المتقدمين، سبعة أعداد: الاثنان، وضعفهما وهي الأربعة، وضعفهما وهي الثمانية. والثلاثة، وضعفهما وهو الستة، وضعفهما وهو الاثنا عشر، وضعفهما وهو الأربعة والعشرون.
ولا مخارج لها عند المتقدمين سوى هذه. ومقصود الفرضين بتحرير هذه المخارج شيئان:
أحدهما: قسمة السهام على أعداد صحا من غير كسر.
والثاني: طلب أقل عدد تصح فيه، فيعولون عليه.
فالاثنان لكل مسألة اشتملت على نصف ونصف، كزوج وأخت، أو على النصف وما بقي كزوج وأخ.
والأربعة: لكل فريضة اشتملت على ربع وما بقي، كزوج وابن؛ أو ربع ونصف وما بقي، كزوج وبنت وأخ؛ أو ربع وثلث ما بقي، وما بقي كزوجة وأبوين.
والثمانية: أصل لكل فريضة فيها ثمن، وما بقي، كزوجة وابن، أو ثمن ونصف، وما بقي، كزوجة وبنت وأخ.
ولا يتصور اجتماع الربع والثمن في فريضة، ولو كان متصورًا لخرجا منها.
وأما الثلاثة: فلكل فريضة فيها ثلث وثلثان، كإخوة لأم وأخوات لأب، أو ثلث وما بقي كأم وأخ، أو ثلثان وما بقي، كبنتين وعم.
والستة: لكل فريضة فيها سدس وما بقي، كجدة وابن، أو سدس وثلث وما بقي، كجدة وأخوين لأم وأخ لأب، أو سدس وثلثان وما بقي كأم وابنتين وأخ، أو نصف وثلث وما بقي، كأخت وأم وابن أخ.
والاثنا عشر: لكل فريضة فيها ربع وسدس وما بقي، كزوج وأم وابن، أو ربع وثلث وما بقي، كزوجة وأم وأخ، أو ربع وثلثان وما بقي، كزوج وبنتين وأخ.
والأربعة والعشرون: لكل فريضة فيها ثمن وسدس وما بقي، كزوجة وأم وابن، أو ثمن وثلثان وما بقي كزوجة وبنتين وأخ. ولا يتصور اجتماع الثمن والثلث، ولو كان متصورًا لخرجا منها.
وهذه الأصول منقسمة، فمنها ما يقوم بانفراد الفرائض، وإن كان قد يشتمل على أكثر من فرض كالاثنين والثلاثة والأربعة والستة والثمانية، ومنها لا يقوم إلا بتعداد الفروض كالاثنين عشر والأربعة والعشرين.
وطريقة إقامة هذا التقسيم أن ينظر إلى مخرجي الفريضتين، فإن كانا متباينين ضربنا أحدهما في الآخر، فما انتهى إليه الضرب فهو مخرجها؛ فإن كان بين مخرجيهما توافق ضربنا وفق أحدهما في كل الآخر، فما انتهى إليه الضرب فهو مخرجهما، كثلث وربع مخرجهما اثنا عشر وكذلك ربع وسدس. وكسدس وثمن مخرجهما أربعة وعشرون.
ثم هذه الأصول تنقسم أيضًا، إلى عائلة وغير عائلة: فغير العائلة منها: الاثنان والثلاثة والأربعة والثمانية؛ وتسمى الأوليان عادلتين، ومعناه: أنهما قد تكونان عادلتين، أي إن سهام كل واحدة منهما قد تستغرقها، فتكون عادلة كاجتماع النصف والنصف في الأولى، واجتماع الثلث والثلثين في الثانية. وتسمى الثالثة والرابعة ناقصتين، لعدم ذلك فيهما.
والعائلة من الأصول: هي الستة، وضعفها، وضعف ضعفها. وعول الستة بأوتارها وأشفاعها، ومنتهى عولها عشرة. فتعول بسدسها إلى سبعة. كأخوات لأب وأخوات لأم وجدة؛ وبثلثها إلى ثمانية، كزوج وأختين لأب وأخت لأم؛ وبنصفها إلى تسعة، كزوج وأختين لأب وأختين لأم، وبثلثيها إلى عشرة كزوج وأختين لأب وأختين لأم، وجدة.
وأما الاثنا عشر فتعول بالأوتار دون الإشفاع، فتعول بنصف سدسها إلى ثلاثة عشر، كزوجة وأختين شقيقتين وأخ لأم، وبربعها إلى خمسة عشر، كأخوات لأب وأخوات لأم وزوجة، فيعال لها بالثمن، وهي الملقبة بالمنبرية، قيل: إن عليًا رضي الله عنه سئل عنها، وهو على المنبر، فقال على الارتجال: صار ثمنها تسعًا.
وسميت الفريضة عائلة من الزيادة إذا اجتمعت فيها فروض لا تفي بها جملة المال، ولم يكن إسقاط بعضها من غير حاجب، ولا تخصيص بع... ذوي الفروض بالتنقيص دون بعض، فزيد في الفريضة سهام حتى يتوزع النقص على الجميع إلحاقًا لأصحاب الفروض بأصحاب الديون، فسمي ذلك عولاً.
أما تصحيح حساب المسائل ومبلغ السهام التي عليها تنقسم التركة، فيستدعي الخوض فيها تقديم قول في نسبة بعض الأعداد إلى بعض. وذلك أن كل عددين فإما يكونان متماثلين أو غير متماثلين، وكل عددين غير متماثلين فإذا نقص أقلهما من أكثرهما فإما أن يفنيه أو لا يفنيه، فإن أفناه سمي الأقل داخلاً في الأكثر، وقيل لهما: متداخلان. ولا يزيد الداخل على نصف الأكثر. وإن لم يفنه، بل بقي من الأكثر عدد أقل من الأقل، أسقطنا البقية من الأقل، فإن أفتنه وإلا أسقطنا منها ما بي منه أقل منها. ولا نزال نفعل هكذا نسقط الأقل من الأكثر حتى يفني أحدهما الآخر، بأكثر من الواحد، فنسميهما حينئذ متوافقين، ويكون الوفق بينهما الجزء السمي بعدة العدد الذي حصل به الإفناء، مفتوحًا كان أو أصم، كصنف إن كان اثنين، وثلث إن كان ثلاثة، وربع إن كان أربعة، وعلى هذا النحو. أو يجزء من أحد عشر إن وقع الإفناء بأحد عشر، أو بجزء من ثلاثة عشر إن وقع الإفناء بثلاثة عشر، وإن تمادينا على إسقاط الأقل من الأكثر من العددين حتى انتهينا إلى أن يفضل الواحد من العددين وقبل فناء أحدهما سميناهما متباينين.
وعبارة الحساب في ذلك: أن كل عددين يعدهما عدد ثالث فهما متوافقان، وكل عددين لا يعدهما إلا الواحد فهما متباينان. والمعنى في العبارتين، واحد ولا ثانية أوجز، والأولى أقرب لاستخراج جزء الموفقة. وقد دخل في حد الموافقة المداخلة والمماثلة، وهو كذلك، وإنما أسقطا، أعني المثل، والذي يدخل فيه عدد لا يزيد على نصفه، لأن المقصود بطلب الوفق لا يحصل فيهما، وقد دخل في حد الموافقة المداخلة والمماثلة، وهو كذلك، وإنما أسقطا، أعني المثل، والذي يدخل فيه عدد لا يزيد على نصفه، لأن المقصود بطلب الوفق لا يحصل فيهما، فإنا إذا ضربنا وفق أحد المتداخلين في كل الآخر لم يزد الخارج على الأكثر، لأن الموافقة بينهما بجزء منة جملة آحاد الأقل، وكذلك إذا ضربنا وفق أحد المثلين الآخر لم يزد عليه، لأن الموافقة بينهما بجزء من جملة آحاد أحدهما.
إذا تقرر هذا عدنا إلى المقصود، وقد قدمنا أن المسألة تصح من السهام إذا انفردت العصبات، فإن، كان معهم ذو فرض فمن المخارج المتقدمة، فإذا استخرجنا أصل مسألة من الأعداد المذكورة، وأعطينا من الأصل لكل صنف حقهم، فإن انقسمت سهام المسألة على أصناف الورثة فقد صحت من أصلها، وقد تكون عائلة وقد لا تكون، وإن وقع في قسمة السهام على مستحقها كسر فذلك لأجل عدد الأصناف؛ ثم قد يقع الكسر على صنف واحد، وقد يقع بأجزائها، والذي لا ينضبط هو عدد الأصناف؛ ثم قد يقع الكسر على صنف واحد، وقد يقع على صنفين، وعلى ثلاثة أصناف، ولا يزيد على الثلاثة على أصلنا، إذ لا يزيد عدد الورثة عندنا على أربعة أصناف ولابد أن يصح نصيب صنف عليهم، وإذا وقف الانكسار على ثلاثة أصناف انحصر الكلام عليه في ثلاثة أقسام.
القسم الأول: أن يقع الانكسار على صنف واحد، فلو ضربنا عدد رؤوسهم في أصل المسألة، أو في أصلها بعولها، إن كانت عائلة، لحصل مقصودنا من التصحيح، لكنا لطلب الاختصار، وتقليل الحساب، نعتبر السهام مع عدد الرؤوس، فإن كانا متباينين ضربنا عدد الروس في أصل المسألة كما تقدم، إذ لا طريق للاختصار، وإن كانا متوافقين اجتزينا بوفق عدد الروس عن جملتها، فضربناه في أصل المسألة، فما انتهى إليه الحساب فمنه تصح القسمة.
مثال المباينة: ثلاث بنات وابن عم: الفريضة من ثلاث للبنات سهمان ينكسران عليهن، ولا موافقة بينهن وبين الاثنين، فتضرب الثلاثة عدد المنكسر عليهن في ثلاثة أصل المسألة، تكون تسعة؛ من له شيء من أصل المسألة أخذه مضروبًا في ما ضرب فيه أصلها، للبنان سهمان مضروبان لهن فيما ضرب فيه أصل المسألة، وهو ثلاثة بستة، لكل بنت سهمان.
ومثال الموافقة: ست بنات وزوج وعاصب. الفريضة من اثني عشر، للبنات ثمانية تنكسر عليهن، لكن توافق عددهن النصف، فتضرب نصف الستة في اثني عشر مخرج الفريضة، تكون ستة وثلاثون، ومنها تصح.
القسم الثاني: أن يقع الانكسار على صنفين، فكذلك، أيضًا لو ضربنا عدد رؤوس أحد الصنفين في عدد الصنف الآخر، ثم ما اجتمع في أصل المسألة لحصل المقصود، وصحت المسألة، لكن لطلب الاختصار يعتبر عدد رؤوس كل صنف مع سهامهم، كما تقدم من حيث الموافقة والمباينة، فننظر هل يوافق كل صنف عدد سهامه، أو يباينه، أو يوافق أحدهما سهامه ويباين الآخر سهامه فما وافق سهامه أقمنا وفقه مقامه؛ ثم ننظر، طلبًا للاختصار أيضًا، بين العددين الحاصلين، أعني الوفقين أو الكاملين أو الوفق والكامل، فنعتبر نسبة بعضها إلى بعض في التماثل والتداخل والتوافق والتباين، فإن تماثلا اقتصرنا على أحدهما وضربناه في أصل المسألة، وإن تداخلا اقتصرنا على الأكثر وضربناه في أصلها، وإن توافقا ضربنا وفق أحدهما في كامل الآخر، ثم ما اجتمع في أصل المسألة، وإن تباينا ضربنا جملة أحدهما في جملة الآخر، ثم ما اجتمع في أصل المسألة، فما انتهى إليه الضرب في جميع ذلك فمنه تصح المسألة على الصنفين جميعًا.
وقد تبين من هذا أن كل واحد من الاقسام الثلاثة تعتور عليه الأحوال الأربعة، فتتضاعف بها إلى اثني عشرة صورة، ويظهر تفصيل ما أجمل بالتمثيل.
المثال الأول: لتماثل الوفقين: أم وأربع أخوات لأم وست إخوة لأب؛ الفريضة من ستة، للأخوات اثنان غير منقسمين عليهن لكن يوافقان عدتهن بالنصف، وللإخوة للأب ما بي ثلاثة غير منقسمة عليهم نوافقه لعدتهم بالثلث فنصف عدة الأخوات اثنان، وثلث عدة الإخوة اثنان، فتضرب الفريضة ستة في اثنين إحدى العدتين، تبلغ اثني عشر، منها تصح.
المثال الثاني: لتداخل الوفقين: جدة وثمانية إخوة لأم وستة إخوة لأب؛ الفريضة من ستة: للإخوة للأم سهمان غير منقسمين عليهم موافقان لعدتهم بالنصف، وللإخوة للأب ما بقي ثلاثة غير منقسمة عليهم موافقة لعدتهم بالثلث؛ فثلث عدتهم اثنان داخلة في نصف عدة الإخوة للأم أربعة، فتضرب الفريضة ستة في أربعة تكون أربعة وعشرين، منها تصح.
المثال الثالث: لتوافق الوفقين: أم، وثمانية إخوة لأم، وثمانية عشر ابن في درجة؛ الفريضة من ستة، للإخوة سهمان غير منقسمين عليهم موافقان لعدتهم بالنصف، ولبني العم ثلاثة غير منقسمة عليهم موافقة لهم بالثلث، فثلثهم ستة، ونصف الإخوة أربعة، فهما يتفقان بالنصف، فتضرب نصف أحدهما في كامل الآخر تكون اثني عشر، فتضرب فيها أصل الفريضة ستة، تكن اثنين وسبعين، منها تصح.
المثال الرابع: لتباين الوفقين: أم، وست أخوات أشقاء، وأربعة إخوة لأم؛ الفريضة من ستة، تعول بالسدس إلى سبعة، للأخوات، أربعة غير منقسمة عليهم موافقة لعدتهن بالنصف، للإخوة للأم اثنان غير منقسمين عليهم موافقان لعدتهم بالنصف، فتضرب نصف عدة الأخوات ثلاثة في اثنين نصف عدة الإخوة تكون ستة، تضرب فيها الفريضة بعولها، تكون اثنين وأربعين، منها تصح.
المثال الخامس: لتماثل أصل العدتين: جدتان وزوجتان وأخوان لأب؛ الفريضة من اثنين عشر، للزوجتين الربع ثلاثة، غير منقسمة عليهما ولا موافقة، وللأخوين ما بقي، مبعد سهمي الجدتين، سبعة، غير منقسمة عليهما ولا موافقة، فعدة الزوجتين مماثلة لعدة الأخوين، فتضرب الفريضة اثني عشر في اثنين إحدى العدتين، تكون أربعة وعشرين منها تصح.
المثال السادس: لتداخل أصلي العدتين: زوجتان، وبنت، وأربعة إخوة لأب، الفريضة من ثمانية، للزوجين سهم غير منقسم عليها، وللإخوة ثلاثة غير منقسمة عيهم ولا موفقة لعدتهم، وعدة الزوجين داخلة في عدة الإخوة أربعة، فتضرب الفريضة في أربعة، تكون اثنين وثلاثين، منها تصح.
المثال السابع: لتوافق أصلي العدتين: تسع بنات وستة إخوة لأب، الفريضة من ثلاثة، للبنات سهمان غير منقسمين عليهن ولا موافقين لهن، وللإخوة سهم غير منقسم، فعدة الإخوة يوافق عدة البنات بالثلث، فتضرب ثلث إحداهما في كامل الأخرى، تكون ثمانية عشر، فتضرب فيها أصل الفريضة ثلاثة تكون أربعة وخمسين منها تصح.
المثال الثامن: لتباين أصلي العدتين: ثلاث زوجات وأخوان شقيقان الفريضة من أربعة، للزوجات سهم غير منقسم عليهن، ولأخوين ثلاثة غير منقسمة عليهما ولا موافقة لهما، وعدة الزوجات لا توافق، أيضًا، عدة الإخوة، فتضرب عدة الزوجات ثلاثة في اثنين عدة الإخوة، تكون ستة، فتضرب فيها أصل الفريضة أربعة، تكون أربعة وعشرين، منها تصح.
المثال التاسع: لتماثل وفق إحدى العدتين لكامل الأخرى، أم، وست بنات، وثلاثة بني ابن؛ الفريضة من ستة، للبنات أربعة غير منقسمة عليهن موافقة لهن بالنصف، ولبني الابن سهم غير منقسم، فنصب عدة البنات ثلاثة مثل عدة بني الابن، فتضرب الفريضة ستة في ثلاثة، تكون ثمانية عشر، منها تصح.
المثال العاشر: لتداخل وفق إحدى العدتين وكامل الأخرى، أربع زوجات وستة إخوة لأب، الفريضة من أربعة، للزوجات الربع سهم غير منقسم، وللإخوة ثلاثة غير منقسمة عليهم موافقة لعدتهم بالثلث، فثلث عدتهم اثنان داخلة في أربعة عدة الزوجات، فتضرب الفريضة أربعة في أربعة، تكون ستة عشر، منها تصح.
المثال الحادي عشر، لتوافق وفق إحدى العدتين وكامل الأخرى، ثماني بنات، وستة بني ابن، الفريضة من ثلاثة، للبنات سهمان غير منقسمين عليهن موافقان لهن بالنصف، ولبني الابن سهم غير منقسم، فعدة البنات أربعة توافق الستة عدة بني الابن بالنصف، فتضرب نصف إحدى العدتين في كامل الأخرى تكون اثني عشر، فتضرب فيها أصل الفريضة ثلاثة، تكون ستة وثلاثين منها تصح.
المثال الثاني عشر: لتباين وفق إحدى العدتين لكامل الأخرى: أربع بنات، وابن ابن، وبنت ابن؛ الفريضة من ثلاثة، لبنات الصلب سهمان غير منقسمين عليهن، موافقان لعدتهن بالنصف، ولبني الابن سهم غير منقسم، فتضرب نصف عدة البنات اثنين في ثلاثة عدة أسهم بني الابن ثلاثة تكون ستة، فتضرب فيها الفريضة ثلاثة تكون ثمانية عشر، منها تصح.
القسم الثالث: أن يقع الكسر على ثلاثة أصناف، فلو ضربنا أحدهما في آخر، ثم ضربنا المجموع في الثلث، ثم ما اجتمع في أصل المسألة، لحصل المقصود من التصحيح، كما قدمنا في الصنف الواحد والصنفين، وكما يتعين فعله إذا كان عدد كل صنف منها يباين سهامه ويباين جملة الأعداد.
فإن كانت الأعداد موافقة للسهام، فلطلب الاختصار نقيم الأوفاق مقام أصول الأعداد، ثم تنظر هل بين كل واحد من أبعاضها وبين غيره منها مماثلة أو مداخلة أو موافقة أو مباينة، فما كان عملنا فيه ما تقدم من الاستغناء بالمثل أو بالأكثر، أو ضرب الوفق في الكل، أو ضرب الكل في الكل.
فإن كان بعضها موافقًا وبعضها مباينًا أقمنا الوفق مقام الكامل، ثم نظرنا بين الوفق والكامل في الأعداد الثلاثة، فما تماثل منها استغنينا بالواحد منها، وما تداخل أسقطنا الأقل واكتفينا بالأكثر، وإن توافقت ضربنا وفقًا في وفق ثم في الكامل، وإن تباينت ضربنا أحد الأعداد في ثان، فما بلغ ضرب في الثالث، فما اجتمع فهو المبلغ الذي يضرب فيه أصل المسألة، ويسمى عدد المنكسرين. هذا هو أصل العمل في هذا القسم، إلا أنه قرب فيه في حال الموافقة نوع تقريب، اختلف الحساب في كيفيته على طريقتين.
فقال الكوفيون: نعمل في عددين منها ما عملناه، في القسم الثاني، فما انتهى إليه العمل، وهو المبلغ الذي يضرب فيه أصل المسألة، جعلناه عددًا واحدًا ووفقنا بينه وبين العدد الثالث، وفعلنا فيهما ما فعلناه في العددين الأولين.
وقال البصريون: نوقف أحد الأعداد، والأحسن عندهم أن يكون العدد الأكثر، ثم يوقف بينه وبين الباقي، ويعمل في وفقيهما أحد الأقسام الأربعة، فما حصل من ذلك ضربناه في العدد الموقوف. ومثال الطريقتين واحد.
ومثالهما: سبع وعشرون بنتًا، وست وثلاثون جدة، وخمس وأربعون أختًا لأب.
فعلى طريقة الكوفيين إذا وفقت بين السبع والعشرين والست والثلاثين وجدتهما يتفقان بالاتساع، فتضرب تسع أحدهما في كل الآخر، فتجده مائة وثمانية، فتوفق بينهما وبين الخمس والأربعين، فتجدها تتفق بالاتساع أيضًا، فتضرب تسع أحدهما في كل الآخر فيكون خمسمائة وأربعين، ثم في أثل المسألة تكون ثلاثة آلاف ومائتين وأربعين، منها تصح.
وعلى طريق البصريين: توقف الخمس والأربعين، وإذا وفقت بينهما وبين السبع والعشرين وجدتهما يتفقان بالاتساع، فتأخذ تسع السبع والعشرين، وهو ثلاثة، ثم توقف بين الست ولا ثلاثين وبين الخمس والأربعين، فتجدهما يتفقان بالاتساع أيضًا، فتأخذ تسع الست والثلاثين، وهو أربعة، ثم تجد الوفقين مختلفين فتضرب أحدهما في الآخر فيكون اثني عشر، ثم في العدد الموقوف فيكون خمسمائة وأربعين، ثم في أصل المسألة تكن ثلاثة آلاف ومائتين وأربعين، كما تقدم.
وذكر بعض الأصحاب طريقة وجيزة جارية في جميع هذا القسم مغنية عن التطويل فقال: نجعل النظر بين صنفين من الثلاثة، كأنه لم يقع الانكسار إلا عليهما خاصة، فتعمل فيهما ما تقدم عمله في الانكسار على صنفين، حتى إذا انتهينا في العمل إلى إقامة عدد المنكسرين، أعني الذي يضرب في أصل المسألة، نظرنا بينه وبين العدد الثالث الباقي، ثم عملنا فيهما ما عملناه في العددين الأولين، فما انتهى إليه العمل وحصل من مبلغ الضرب جعلناه عدد المنكسرين ها هنا وضربناه في أصل المسألة، فما انتهى إليه الضرب فمنه تصح. ووضح هذه الطريقة يعني عن ذكر أمثلة لها. لكن نشرع في التمثيل للطريقة الأولى التي هي أصل عمل القسم، وهي التي عقدناها في صدره، ولما كان مشتملاً على ثلاثة، كما تقدم في القسم الثاني، أعني أن يكون جميع أصناف موافقة لسهامها، أو جميعها مباينة، أو بعضها موافقًا وبعضها مباينًا، أجرينا التمثيل على الترتيب المتقدم، وجعلنا في كل نوع أربعة أمثلة.
مسألة تعم النوع الأول، وهي: زوجات وجدات وأخوات لأم وإخوة لأب؛ أصلها من اثني عشر، ففي المثال الأول لتماثل الأوقاف، نفرض الزوجات أربعًا والجدات ثمانيًا، والأخوات ست عشرة، والأخوة اثني عشر، فعدد كل من عدا الزوجات يوافق سهامه، وأوفاق جميعها متماثلة، فنستغني بأحد الأعداد منها ونضربه في أصل المسألة، تكون ثمانية وأربعين، منها تصح.
وفي المثال الثاني لتداخل الأوفاق: نفرض عدد كل جنس على النصف مما كان، سوى عدة الإخوة فإنا نبقيها على حالها، فتدخل أوفاق الجميع في وفقها، فنضربه في أصل المسألة، فتكون كالأولى.
وفي المثال الثالث لتوافق الأوفاق: نفرض عدد الجدات عشرين، وعدد الأخوات ست عشرة، وعدد الإخوة ثمانية عشر، وعدد الزوجات اثنتين، وهي مماثلة لوفق الأخوات فتسقط، فنصف عدة الجدات وربع عدة الأخوات وثلث عدة الإخوة متوافقة، فنضرب وفق أحد الأوفاق في وفق ثان، ثم في كامل الوفق الثالث، تكون ستين، ثم في أصل المسألة تكون سبع مائة وعشرين، منها تصح.
وفي المثال الرابع لتباين الأوفاق، نفرض عدة الجدات أربعًا، والأخوات عشرًا، والإخوة تسعة، وعدة الزوجات اثنتين، وهي مماثلة لعدة وفق الجدات فتسقط، فنصف عدة الجدات ونصف عدة الأخوات وثلث عدة الإخوة متباينة وهي أوفاقها، فتضرب أحدها في آخر، ثم في الثلث، تكون ثلاثين، ثم في أصل المسألة، تكون ثلاث مائة وستين، منها تصح.
مسألة تعم النوع الثاني: جدات وبنات وإخوة لأب، أصلها من ستة. ففي المثال الأول لتماثل أصول الأعداد نفرض الأعداد كلها ثلاثًا ثلاثًا، فأعداد الأصناف متماثلة، فتستغني بأحدها وتضربه في أصل المسألة، تكون ثمانية عشر، منها تصبح.
وفي المثال الثاني لتداخل الأعداد، نفرض الإخوة ستة، ونبقي الجدات والبنات على عدتهن، فتدخل في عدد الإخوة، فتستغني به وتضربه في أصل المسألة، تكون ستة وثلاثين، ومنها تصح.
وفي المثال الثالث لتوافق الأعداد، نفرض الجدات ستًا والبنات تسعًا والإخوة خمسة عشر، فأعداد الأصناف متوافقة بالثلث، فنضرب ثلث أحدها في ثل الآخر، ثم في كامل الثلث تكون تسعين، ثم في أصل المسألة، تكون خمسمائة وأربعين ومنها تصح.
وفي المثال الثالث لتوافق الأعداد، نفرض الجدات ستًا والبنات تسعًا والإخوة خمسة عشر، فأعداد الأصناف متوافقة بالثلث، فنضرب ثلث أحدها في ثل الآخر، ثم في كامل الثالث تكون تسعين، ثم في أصل المسألة، تكون خمسمائة وأربعين، ومنها تصح.
وفي المثال الرابع لتباين الأعداد، نفرض الأعداد المتقدمة على أوفاقها، فأعداد الأصناف متباينة فتضرب أحدها في آخر، ثم في الثالث تكون ثلاثين، ثم في أصل المسألة تكون مائة وثمانين، منها تصح.
وتعرف هذه المسألة بني الفرضين بالصماء، وهي التي تكون أعداد أصنافها مباينة لسهامها ومتباينة في أنفسها.
ولنعد المسألة الأولى لتمثيل النوع الثالث، وهي كما تقدم، زوجات وجدات وأخوات لأم، وإخوة لأب؛ أصلها من اثني عشر. ففي المثال الأول لتماثل الأعداد الحاصلة من عدد رؤوس بعض الأصناف، ومن أوفاق بعضها، نفرض الزوجات أربعًا والجدات ثمانيًا والأخوات ست عشرة والإخوة أربعة، فسهام صنفين منها موافقة لعدد أصنافها، وسهام صنفين مباينة، ووفق ما وافق مع جملة ما باين متماثلة، فتستغني بأحدها وتضربه في المسألة تكون ثمانية وأربعين، منها تصح.
وفي المثال الثاني لتداخل الأعداد الحاصلة من الأوفاق وأصول الأعداد، نفرض عدد الإخوة ثمانية، ونقر سائر الأعداد على ما كانت عليه في المثال السابق، فيدخل جميعهم في عدد الإخوة، فتستغني به، وتضربه في أصل المسألة تكون ستة وتسعين، منها تصح.
وفي المثال الثالث لتوافق الأعداد المذكورة، نفرض الجدات عشرين، والأخوات أربعًا وعشرين، والإخوة أربعة عشر، والزوجات أربعًا، فجميع الأعداد الحاصلة فيها من الأوفاق وأصول الأعداد متوافقة، فتضرب وفق أحدها في وفق آخر، ثم في وفق ثالث، ثم في كل الرابع، تكون أربعمائة وعشرين، ثم في أصل المسألة تكون خمسة آلاف وأربعين، منها تصح.
وفي المثال الرابع لتباين الأعداد المذكورة، نفرض عدد الجدات ستًا، وعدد الأخوات عشرًا، وعدد الإخوة سبعة، والزوجات أربعًا، فجملة الأعداد والأوفاق متباينة، فتضرب أحدها في ثان، ثم في ثالث، ثم في الرابع، تكون أربعمائة وعشرين، تضربها في أصل المسألة، تكن خمسة آلاف وأربعين، كالتي قبلها، ومنها تصح.

.الباب الرابع: في حساب مسائل الإقرار والإنكار:

وإذا أقر بعض الورثة بوارث وأنكره الآخرون، لم يصح نسبه بإقرار الوارث كما تقدم، وإذا لم يصح النسب لم يعط المقر له شيئا من الميراث إن لم يوجب إقراره نقصًا من سهم المقر، فإن أوجب نقصًا من سهمه أعطي منه مقدار ما أوجب من النقص لو صح إقراره. ووجه العمل في ذلك أن تنظر فريضة الجماعة في الإنكار، وفريضة المقر خاصة في الإقرار كأنه ليس ثم وارث غيره، لأنك إنما تريد معرفة سهامه في الإقرار وحده، فإن تماثلت الفريضتان أجزأتك إحداهما، وإن دخلت إحداهما في الأخرى أجزأتك أكثرهما، وإن اتفقتا بجزء ضربت جزء إحداهما في كامل الأخرى، وإن لم تتفقا بجزء ضربت كامل إحداهما في كامل الأخرى.
وكذلك تعمل إن كانت ثلاث فرائض أو أكثر، ثم أقسم على الورثة على الإنكار، لأنه هو الأصل، فتعرف ما لكل وارث، ثم انظر ما للمقرر وحده من فريضة الإقرار فأعطه إياه، وما فضل بيده من فريضة الإنكار فأعطه من أقر له، فإذا أردت القسمة على الورثة فاضرب لكل وارث بما له من فريضة الإنكار في فريضة الإقرار، أو في وفق إن كان لها، واضرب لم تريد أن تعرف ما له من فريضة الإقرار بسهامه منها في فريضة الإنكار أو في وفق إن كان لها، فتعرف ما يفضل بيده، ولا تضرب لمن ليس له في الإقرار نصيب بشيء، مثال ما تقدم من إجمال الحساب.
مسألة المماثلة: أم وأخت لأب وعم؛ أقرب الأخت للأب بأخت شقيقة للميت وأنكرتها ألأم. فالفريضة في الإقرار والإنكار من ستة، فقد تماثلت الفريضتان فتجزيك إحداهما، وللأم في الإنكار الثلث سهما، وللأخت النصف ثلاثة، وللعم ما بقي سهم. وإنما للأخت للأب في الإقرار السدس، تكملة الثلثين سهم، فيفضل بيدها سهمان، فتدفعهما إلى الأخت الشقيقة، ولو أقرت بها الأم لدفعت إليها سهمًا، فكملت فريضتها، ولا يلتفت إلى العم في الإقرار والإنكار لأن نصيبه فيهما سواء.
مسألة المداخلة: أختان شقيقتان وعاصب؛ أقرب إحداهما بأخت شقيقه، فالفريضة على الإنكار من ثلاثة، وعلى الإقرار تصح من تسعة، فتستغني بها عن الثالثة، فتعطى للمقر لها سهماً واحدًا، وهو الذي ينقص المقرة، لأن الستة التي تخص الأخوات من التسعة إذا قسمت على الإنكار خص كل واحدة ثلاثة أسهم، وإذا قسمت على الإقرار خص كل واحد سهمان، فقد نقص بين الإقرار والإنكار سهم.
مسألة الموافقة: ابن وابنتان؛ أقر الابن بابن آخر وأنكرته الابنتان، ففريضة الإنكار أربعة، وفريضة الإقرار ستة، فالفريضتان تتفقان بالنصف، فتضرب إحداهما في نصف الأخرى، تكون اثني عشر، للابن من فريضة الإنكار اثنان، في ثلاثة وفق فريضة الإقرار بستة، ولكل بنت سهم في ثلاثة، وللابن من فريضة الإقرار اثنان، في اثنين، نصف فريضة الإنكار، بأربعة، فيفضل بيده سهمان، فيدفعهما إلى الابن الذي أقر به.
مسألة المباينة: أختان شقيقتان وعاصب، أقرت إحداهما بأخ شقيق.
الفريضة على الإنكار من ثلاثة، وعلى الإقرار من أربعة، فتضرب الثلاثة في الأربعة، وتكون اثني عشر، لكل أخت على الإنكار أربعة وعلى الإقرار ثلاثة، فقد نقص للمقرة سهم فيأخذه المقر له.
هذا وجه العمل في اتحاد المقر والمقر به، وكذلك لو تعدد المقر مع اتحاد المقر به، فالعمل كما تقدم.
مثاله: أخ وأختان أشقاء؛ أقر الأخ وإحدى الأختين بأخ شقيق وأنكرته الأخت الأخرى، ففريضة الإنكار من أربعة، وفريضة الإقرار من ستة، تتفقان بالنصف، فتضرب إحداهما في نصف الأخرى، تبلغ اثني عشر، فنقول: للأخ من فريضة الإنكار اثنان، في ثلاثة، نصف فريضة الإقرار، بستة، ولكل أخت سهم في ثلاثة، وللأخ من فريضة الإقرار اثنان، في اثنين، نصف فريضة الإنكار، بأربعة، الفاضل بيده سهمان فيدفعهما إلى الأخ الذي أقر به، وللأخت المقرة من فريضة الإقرار سهم، في اثنين، وفق فريضة الإنكار، فيفضل بيدها سهم، فتدفعه إلى الأخ الذي أقرت به.
وأما إن تعدد المقر والمقر به، فوجه العمل أن تعتبر فريضتي الإقرار أو فرائضه بعضها ببعض، فتضرب أحداهما في كامل الأخرى عند التباين، أو في وفق إن كان لها، وتستغني بالأكثر في حال التداخل، أو بإحداهما حال التماثل، ثم ما تحصل معك نظرت نسبته إلى فريضة الإنكار، أي نسبة هي من الأقسام الأربعة، ثم عملت فيها ما تقدم من ضرب أو استغناء، ثم قسمت ما انتهى إليه العمل على الإنكار، ثم قسمته على إقرار أحد الورثة، فما نقصه دفعته للذي أقر به، ثم قسمت الجملة أيضًا على إقرار الآخر، فما نقصه دفعته لمن أقر به، وكذلك إن كان ثالث ورابع، وما زاد عليهما.
مثال ذلك: ابن وبنت أقر الابن ببنت وأقرت البنت بابن، كل واحد منهما منكر لمن أقر به صاحبه، والمستلحقان كل واحد منهما منكر لصاحبه.
فالفريضة في الإنكار من ثلاثة؛ وفي إقرار الابن من اثنين، لأنه يزعم أن الذي له النصف؛ وفي إقرار البنت من خمسة، فالفرائض الثلاث متباينة، فتضرب أحدى فريضتي الإقرار في الأخرى، بعشرة، فهي مخرج الإقرار أجمع، وتضرب العشرة في فريضة الإنكار، تكون ثلاثين، للابن من فريضة الإنكار اثنان في عشرة بعشرين، وله من فريضة إقراره سهم مضروب في خمسة إقرار البنت، ثم في ثلاثة فريضة الإنكار تبلغ خمسة عشر، فيفضل بيده خمسة يدفعها إلى البنت التي أقر بها، وللبنت المقرة من فريضة الإنكار سهم في عشرة، ولها من فريضة الإقرار سهم في اثنين إقرار الأخ، ثم في ثلاثة فريضة الإنكار تكون ستة، فيفضل بيدها أربعة، فتدفعها إلى الأخ الذي أقرت به. وإن اتفق الوارثان على شخص واختلفا في آخر كابنين أقر أحدهما بابنين آخرين، فوافقه أخوه على أحدهما وخالفه في الآخر، فقال سحنون يدفع إليهما الذي أقر بهما نصف ما في يده بينهما، وذلك ربع جميع المال، والذي أقر بأحدهما يعطيه ثلث ما في يديه، وذلك سدس جميع المال.
قال بعض الفرضيين: وتقوم من أربعة وعشرين، لأنها إقرار بربع المال بينهما، وذلك من ثمانية، وبالسدس لأحدهما خاصة، والثمن والسدس من أربعة وعشرين، فعلى الإنكار لكل ابن اثنا عشر، وعلى إقرار الذي أقر بهما يكون له ستة، فتبقى ستة بينهما، وعلى إقرار الذي أقر بأحدهما يكون له ثمانية، فتبقى أربعة للذي اجتمعا على الإقرار به، فيتحصل له سبعة، وللآخر ثلاثة. هذا إن كان المجتمع على الإقرار به غير مقر بالآخر. فإن كان مقررًا به دفع له ما زاد بيده على ربع المال، وهو سهم.
مسألة يختم بها الباب: قيل لأصبغ: رجل توفي وترك أخوين وامرأة حاملاً، فولدت غلامًان فقالت: ولدته حيًا، وقد استهل، فصدقها أحد الأخوين، وقال الآخر: بل ولدته ميتًا. فقال اصبغ: هي من أربعة وعشرين.
وبيان ذلك: أن فريضة الإنكار من أربعة تنقسم من ثمانية، وفريضة الإقرار من ثمانية أيضًا، وفريضة الابن على الإقرار من ثلاثة، فتضرب ثلاثة في ثمانية تبلغ أربعة وعشرين، فللمرأة في الإنكار الربع ستة، الباقي ثمانية عشر، لكل أخ تسعة، ولها في الإقرار الثمن ثلاثة، وللابن أحد وعشرون، توفي عنها، لأمه الثلث سبعة ولكل أخ سبعة، فيفضل بيد المصدق سهمان فيدفعها إلى الأم فيصير بيدها ثمانية وبيد المصدق سبعة، وبيد المنكر تسعة.